انتصرت على الألم والخوف.. حنان الخمار مغربية حولت السرطان إلى رسالة حياة
انتصرت على الألم والخوف.. حنان الخمار مغربية حولت السرطان إلى رسالة حياة
في زمنٍ ما زال فيه كثيرون يربطون كلمة "سرطان" بالموت، تخرج حنان الخمار لتعيد تعريف المعنى.. لا ترتدي عباءة الضحية، ولا تتحدث بلسان المأساة، بل ترفع رايتها الوردية لتقول بهدوءٍ مؤمن: "السرطان لا يعني النهاية، بل بداية جديدة للحياة".
بدأت حكاية حنان عام 2019، حين اكتشفت ورماً في صدرها. لم تذهب للطبيب فوراً، كان الخوف أكبر من الألم.. "تركت الورم فترة طويلة بدافع الخوف"، تقول، "لو كنت لجأت للطبيب في الوقت المناسب ما وصلت إلى مرحلة الاستئصال الكلي، ولا إلى عودة المرض من جديد"، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.
لكنها لم تكتفِ بالنجاة الأولى، بل قررت أن تمنح تجربتها معنى. خرجت إلى العالم لتكسر حاجز الصمت، فأنشأت قناة على وسائل التواصل الاجتماعي تنشر من خلالها رسائل التوعية والأمل.
"ما زالت بعض النساء يربطن السرطان بالموت"، تقول بأسى، "وهذه الفكرة القاتلة تجعل كثيرات يحكمن على أنفسهن قبل أن يمنحهن الطب فرصة الشفاء".
لم يكن جسدها وحده ميدان المعركة، بل نفسها أيضاً. ورغم جلسات العلاج المرهقة وتساقط الشعر وتعب الجسد، كانت تصرّ على أن يراها الناس قوية، متصالحة، مبتسمة.. "كنت أريد أن أُظهر أن المرض لا يمكن أن يسلبني أنوثتي ولا إيماني بالحياة".
حين امتحنها القدر مجدداً
لم تمضِ سوى سنتين حتى عاد المرض في نهاية عام 2021، هذه المرة في الكبد والنخاع الشوكي.. بدا الأمر حينها كأنه إعلان لهزيمة محتومة، لكن حنان اختارت الحياة مجدداً.
تروي بابتسامة هادئة: "قال الأطباء إن المرض في مراحله الأخيرة، لكني كنت أقول كل شيء ممكن. الإيمان أقوى من التشخيص".
تعلمت أن تهتم بنفسها أكثر، أن تضع صحتها النفسية أولاً، وأن ترى في كل صباح نعمة جديدة. ومع الوقت، تحولت التجربة إلى طاقة نورٍ داخلية. تابعت دراستها في جامعة محمد السادس لعلوم الصحة، لتحصل على دبلوم Patient Partner en Cancérologie الذي يؤهلها لمرافقة مرضى السرطان.
تقول بفخر: "بعد تجربتي مع المرض، أصبحت مدربة ومعالجة بالطاقة. أساعد من مرّوا بما مررت به، وأعلمهم أن الخوف هو أول ما يجب علاجه".
من الألم إلى الأمل
تحوّل مسار حياتها بالكامل. باتت تستقبل رسائل من نساء في المغرب والعالم العربي وأوروبا، يشكرنها لأنها كانت سبباً في أن يذهبن إلى الطبيب، أو لأنهن بدأن العلاج بعدما سمعن قصتها. "حين أقرأ أن امرأة قررت مواجهة المرض بسببي، أشعر أني أنجزت أعظم ما يمكن إنجازه".
تؤكد حنان أن العامل النفسي هو الركيزة الأولى في العلاج: "السرطان لا يعني الموت، بل بداية جديدة مليئة بالنور والإيمان. الكشف المبكر هو ذهب الحياة".
وفي حديثها، تحذر النساء من اللجوء إلى الأعشاب أو وصفات العطارين إلى جانب العلاج الطبي، مشددةً على أن المرض يحتاج إلى اختصاصيين، لا إلى تجارب خطيرة أو معتقدات غير علمية.
كسر الصمت وتغيير النظرة
ترى حنان أن المجتمع ما زال ينظر إلى مريضة السرطان بنوع من الشفقة أو الخوف. "حين أتحدث عن استئصال الثدي، ألاحظ أن بعض النساء يرتعبن من الفكرة، وكأنهن يسمعن شيئاً محرماً"، تقول بأسى. "هذه النظرة تؤذي المريضة أكثر من المرض نفسه، وتجعلها تستسلم قبل أن تبدأ العلاج".
وترى أن الخوف من الفحص المبكر هو أحد أخطر أسباب ارتفاع نسب الإصابة المتقدمة، لأن "السرطان لا يقتل بقدر ما يقتل الخوف".
بعد سنوات من المواجهة والعلاج، تعيش حنان اليوم بصحة جيدة، تملؤها طاقة إيجابية وتستمر في رسالتها التوعوية بلا توقف.. تقول: "السرطان أخذ مني شعري وبعضاً من صحتي، لكنه أعاد إلي نفسي. علّمني أن الحياة لا تُقاس بعدد الأيام، بل بما نزرعه فيها من حب وإيمان".
وفي شهر أكتوبر الوردي، ترفع حنان الخمار رايتها الخاصة.. راية امرأة واجهت الخوف مرتين وعادت أقوى، لتخبر العالم أن الأمل أقوى من المرض، وأن الحياة تبدأ من لحظة الإيمان بها.











